الثلاثاء 6 مايو 2025 - 17:15
فوائد الإمام الغائب

وكالة الحوزة - ما هو المقام الحقيقي للإمام في نظام الوجود؟ هل تتوقف فيوضاته الوجودية على ظهوره المشهود؟ هل تقتصر حكمته على هداية البشر وإمامتهم، أم أن وجوده نورٌ يشعّ ببركاته على سائر المخلوقات؟

وكالة أنباء الحوزة - منذ مئات السنين، حُرم المجتمع البشري من فيض ظهور حجة الله، فافتقد لقاء القائد السماوي والإمام المعصوم.

فما هي آثار وجود حجة الله في زمن الغيبة، وعيشه في الخفاء بعيدًا عن الأنظار؟ ألم يكن ممكنًا أن يولد في فترة قريبة من زمن الظهور، فلا يشهد عصر الغيبة الصعب؟

هذا السؤال وغيره ينبع من عدم الفهم الصحيح لمكانة الإمام والحجة الإلهية.

فما هو موقع الإمام في هذا الكون؟ هل جميع آثاره الوجودية تعتمد على ظهوره؟ هل هو موجود فقط لهداية البشر، أم أن وجوده مصدر بركة لجميع المخلوقات؟

الإمام محور الوجود

تؤكد العقيدة الشيعية المستمدة من الوحي أن الإمام هو القناة التي تتدفق منها فيوضات رب العالمين على جميع مخلوقاته. فهو - عليه السلام - قلب الوجود النابض، الذي لولاه لاختلّ نظام السماوات والأرض، ولما استقرت جن ولا إنس، ولا ملك ولا حيوان، ولا جماد.

سُئل الإمام الصادق عليه السلام: هل تبقى الأرض بغير إمام؟ فأجاب: «لَوْ بَقِيَتِ الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ لَسَاخَتْ» (الكافي، ج1، ص179).

إنَّ الإمامَ عليه السلام هو الوسيطُ بين الله تعالى وبين خلقه في تبليغ الرسالاتِ الإلهية وهداية البشر نحو كمالهم الإنساني، وبوجوده تتنزَّلُ الفيوضاتُ والنعمُ الربانية. وهذا أمرٌ بَيِّنٌ لا يحتاج إلى دليل، إذ جرت سنَّةُ الله تعالى منذ البداية على هداية البشرية عبر الأنبياء ثم الأوصياء عليهم السلام.

غير أن كلمات الأئمة المعصومين عليهم السلام تُظهر أن دور الإمام في الكون أعمق من ذلك، فهو ليس وسيلةً لهداية البشر فحسب، بل هو القناةُ التي تصل من خلالها جميعُ النعم والفيوضات الإلهية إلى كل مخلوق، صغيراً كان أم كبيراً.

وبتعبير أوضح: كلُّ ما تناله المخلوقات من عطايا الله وبركاته، فإنما تصلها عبر الإمام. فَبِه وُجدت المخلوقات، وبه تُنزل عليهم النعم والبركات طوال حياتهم."

وفي فقرة من الزيارة الجامعة الكبيرة، التي تُعدّ مدرسةً في معرفة الإمام، نقرأ: «بِكُمْ فَتَحَ اللَّهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ، وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَبِكُمْ يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ».

إذن، الآثار الوجودية للإمام لا تقتصر على ظهوره، بل وجوده في العالم – حتى في حال الغيبة والاختفاء – هو مصدر حياة جميع المخلوقات. وقد شاء الله تعالى أن يكون هذا الوجود الكامل والمتفوق وسيطًا لنزول الفيوضات الإلهية إلى سائر المخلوقات، سواءٌ أكان غائبًا أم ظاهرًا. نعم، الجميع ينالون بركات وجود الإمام، ولا تؤثر غيبة الإمام المهدي عليه السلام في هذا الجانب.

واللافت أن الإمام المهدي عليه السلام، عندما سُئل عن كيفية الانتفاع به في زمن الغيبة، أجاب: «وَأَمَّا وَجْهُ الِانْتِفَاعِ بِي فِي غَيْبَتِي فَكَالِانْتِفَاعِ بِالشَّمْسِ إِذَا غَيَّبَتْهَا عَنِ الْأَبْصَارِ السَّحَابُ، وَإِنِّي لَأَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ كَمَا أَنَّ النُّجُومَ أَمَانٌ لِأَهْلِ السَّمَاءِ» (كمال الدين، ج2، ص483)

وللحديث بقية ستأتي في الأجزاء التالية إن شاء الله.. والجدير بالذكر أن النص مُقتبس من كتاب "نگین آفرینش" (جوهرة الخلق) مع بعض التعديلات.

لقراءة النص باللغة الفارسية اضغط هنا.

المحرر: أ. د

المصدر: وكالة أنباء الحوزة

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha